للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذه، فلا يمكن لأصحاب المواشي رعيه إلا إذا حصل لهم السقي من هذه البئر، فيحرم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله لها بلا عوض؛ لأنه إذا منع بذله امتنع الناس من رعي ذلك الكلأ خوفا على مواشيهم من العطش، ويكون بمنعه الماء مانعًا من رعي الكلأ ... » (١).

وقال ابن عبد البر: «وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ فذلك عند مالك وأصحابه ... القوم يحفرون البئر في الصحراء أو القفار، ليسقوا منها مواشيهم، فليس لهم بعد سقي مواشيهم أن يمنعوا أحدًا ممن يرعى في ذلك الموضع معهم من سقي ماشيته بما فضل عن ري مواشيهم، ويقضى عليهم أن يبذلوا فضل ذلك للناس عامة يشتركون فيه، وإنما لهم لسبقهم إلى حفر البئر فضل التقدمة لا غير، فهذا معنى: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ: يريد أنهم لو منعوا الماء لامتنع من رعي الكلأ الذي فيه الناس شركاء .. » (٢).

[وأما الدليل على التفريق بين الماشية والزرع]

وأما الدليل على التفريق بين الماشية والزرع فيجب بذل فضل الماء للمواشي دون الزرع: حرمة الروح، ولذلك لو كان له دواب وجب عليه سقيها، ولو كان له زرع لم يجب عليه أن يسقيه.

والدليل على أن الماء الذي يجب بذله كونه في مستقره، فإذا حازه في إناء ونحوه لم يجب عليه بذله.


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٠/ ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٢) الكافي في فقه أهل المدينة (ص: ٤٩٣ - ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>