كان لولي الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه، والناس في مخمصة ...
ومن هنا يتبين أن السعر: منه ما هو ظلم لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق على بيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم فهو حرام ... وإذا تضمن العدل بين الناس بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل، فهو جائز، بل واجب.
فأما الأول، فمثل ما روى أنس، قال: غلا السعر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله، لو سعرت، فقال: إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر ....
وأما الثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها، مع ضرورة الناس إليها، إلا بزيادة عن القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم الله به» (١).
[الحالة الخامسة: أن تحتكر فئة معينة بيع سلع مخصوصة.]
يشترط لجواز التسعير، أن تحتكر فئة الشراء من المنتجين، فلا تباع تلك السلع إلا لهم، ولا تشترى إلا منهم، فهنا يكون التسعير واجبًا عليهم.
فإذا كان المنتج والذي يجلب بضاعته إلى السوق قد منع من البيع إلا لفئة من التجار، فلا يجد من يشتري منه، ولو باع على غيرهم عوقب ومنع، فهو مجبر على البيع لهؤلاء، فلو باعه بالسعر الذي يريدونه، ثم كان لهؤلاء المحتكرين