للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضى ذلك إلى التنازع والخصومات، لذلك تولى الشرع تقديره قطعًا للنزاع (١).

فلما تعذر معرفة مقدار الحق شرع الشارع ما هو أمثل الطرق وأقربها إلى الحق، ولذلك تجد الشارع يأمر أحيانًا بالخرص إذا تعذر الكيل أو الوزن، إقامة للظن مقام العلم عند تعذر العلم، ويأمر بالاستيهام لتعيين المستحق عند كمال الإيهام، وتارة يقدر بدل الاستحقاق إذا لم يكن طريق آخر لقطع الشقاق، ورد المشتري للصاع بدل ما أخذ من هذا الباب (٢).

[وأما معارضة الحديث بحديث الخرج بالضمان.]

فيقول ابن القيم رحمه الله: «حديث المصراة أصح منه باتفاق أهل الحديث قاطبة ... مع أنه لا تعارض بينهما بحمد الله؟ فإن الخراج اسم للغلة مثل كسب العبد وأجرة الدابة ونحو ذلك، وأما الولد واللبن فلا يسمى خراجًا، وغاية ما في الباب قياسه عليه بجامع كونهما من الفوائد، وهو من أفسد القياس، فإن الخراج لم يكن موجودًا حال البيع، وإنما حدث بعد القبض، وأما اللبن ههنا فإنه كان موجودًا حال العقد، فهو جزء من المعقود عليه، والشارع لم يجعل الصاع عوضًا عن اللبن الحادث، وإنما هو عوض عن اللبن الموجود وقت العقد في الضرع، فضمانه هو محض العدل والقياس» (٣).

وعلى التسليم بأن حديث المصراة مخالف للأصول، فإن الواجب مع صحة


(١) انظر قواعد الأحكام في مصالح الأنام (ص: ١٥٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٥٣٨).
(٣) إعلام الموقعين (١/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>