لو منع أحد العاقدين من التفرق حتى يقوم الآخر لكان في ذلك إضرار به ومفسدة راجحة.
[الراجح من الخلاف]
بعد ذكر خلاف العلماء، وذكر الأدلة، أرى أن الاحتجاج بحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه، عن جده لا يتمشى مع القواعد الحديثية بصرف النظر عن المسألة من الناحية الفقهية.
وحكاية الإجماع التي ساقها ابن عبد البر على جواز أن يفارقه حتى لا يقيله في النفس منها شيء مع ثبوت الخلاف عن أحمد في إحدى الروايتين عنه.
ويبقى النظر في المعنى، فإن مفارقة العاقد مجلس العقد خشية أن يستقيله تتضمن إسقاط حق الغير من التروي وتقليب النظر، وهل يصل هذا إلى التحريم مع فعل ابن عمر رضي الله عنه مع ما أوتيه من فقه وورع، أو نقول بالكراهة، هذا هو محل النظر والاجتهاد، وأجدني أميل إلى القول بالكراهة، خاصة أنه قد يقال: يمكن للعاقد الآخر أن يتبع أخاه فلا يتمكن من الاستقلال بالمفارقة، فإذا منعه من اتباعه كان هذا بمثابة الإكراه على التفرق، وقد سبق بحثها، والله أعلم.
وهذه المسألة قريبة من مسألة أخرى بحثها بعض الفقهاء تحت مسمى: لو هرب أحد العاقدين، فهل يبطل خيارهما، وهذا ما سنتطرق إليه إن شاء الله تعالى في المسألة التالية.