للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان النهي عائدًا إلى أمر خارج عن البيع، وكان لحفظ حق المشتري كان الراجح أن النهي لا يبطل البيع، وإنما جعل للمشتري الخيار.

[وأما النهي عن تلقي الجلب.]

(ح-٤٦٢) فقد رواه مسلم من طريق هشام القردوسي، عن ابن سيرين، قال:

سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار (١).

وهو في البخاري بالنهي عن التلقي دون ذكر الخيار (٢).

وأما الدليل على ثبوت الخيار في حال المسترسل عند الحنابلة، فهو من قبيل التعليل، ولم أقف لهم على دليل من الكتاب أو السنة، فقالوا: إن الغبن إذا كان نتيجة لجهله بقيمة المبيع، ولا يحسن أن يماكس ليصل إلى سعر المبيع فله الخيار، لأن البائع استغل جهله، وأما العالم بقيمة السلعة أو من كان يحسن المماكسة لو توقف لعرف ذلك فإذا استعجل في ذلك، فغبن، فلا خيار له؛ لأنه أتي من باب تقصيره وتفريطه (٣).

[القول السادس]

الغبن يبطل العقد من أصله، وهو قول داود الظاهري (٤).


(١) مسلم (١٥١٩).
(٢) البخاري (٢١٦٢).
(٣) شرح منتهى الإرادات (٢/ ٤١)، الإنصاف (٤/ ٣٩٤)، كشاف القناع (٣/ ٢١١)، حاشية الروض لابن قاسم (٤/ ٤٣٣).
(٤) ذكر ابن حزم بأن مذهب أصحابه الظاهرية بأن البيع باطل إذا وقع فيه غبن ولو علما بالغبن وتراضيا على ذلك، انظر المحلى (٨/ ٤٤٢) مسألة: ١٤٦٣. كما ذكر ابن الجوزي مذهب داود الظاهري رحمه الله انظر التحقيق (٢/ ١٨٤)، وأما ابن حزم رحمه الله فقد قسم الغبن بالبيع ثلاثة أقسام:
الأول: أن يشترط أحد المتبايعين السلامة من الغبن فهو بيع مفسوخ أبدًا.
الثاني: أن يعلما بالغبن ويتراضيا عليه فهذا بيع صحيح.
الثالث: ألا يعلما أو أحدهما بقدر الغبن، ولم يشترطا السلامة، فله الخيار إذا عرف ذلك، إن شاء أمسك، وإن شاء رد، انظر المحلى (٨/ ٤٤٢) مسألة: ١٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>