بأنه رحمه الله جعل الغرر هو في مجهول الصفة والمقدار فقط، وهذا فيه نظر، وقد بين القرافي في الفروق الفرق بين قاعدة المجهول وقاعدة الغرر، فقال:«اعلم أن العلماء قد يتوسعون في هاتين العبارتين فيستعملون إحداهما موضع الأخرى، وأصل الغرر هو الذي لا يدرى، هل يحصل أم لا، كالطير في الهواء والسمك في الماء؟ وأما ما علم حصوله، وجهلت صفته فهو المجهول، كبيعه ما في كمه، فهو يحصل قطعًا، لكن لا يدرى أي شيء هو، فالغرر والمجهول كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه، وأخص من وجه، فيوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه، أما وجود الغرر بدون الجهالة فكشراء العبد الآبق المعلوم قبل الإباق، لا جهالة فيه، وهو غرر; لأنه لا يدري هل يحصل أم لا؟ والجهالة بدون الغرر كشراء حَجَرٍ يراه لا يدري، أزجاج هو أم ياقوت؟ مشاهدته تقتضي القطع بحصوله فلا غرر وعدم معرفته تقتضي الجهالة به، وأما اجتماع الغرر والجهالة، فكالعبد الآبق المجهول الصفة قبل الإباق»(١).
[الراجح من الخلاف]
بعد استعراض الأقوال والحجج أرى أن القول بعدم صحة بيع ما لا يقدر على تسليمه أقوى دليلًا، وأحفظ لأموال الناس.