وقد ناقشت القول بأن عقد الضمان من عقود التبرع، وأنه لا مانع من انقلاب عقد التبرع إلى عقد معاوضة، بشرط ألا يكون فيه محذور شرعي، وكون الضمان في عقد التأمين من باب المعاوضات لا يترتب عليه محذور شرعي، فلا حرج فيه، وليس كل ضمان هو عقد تبرع، ولذا كان استحقاق الخراج بسبب الضمان كما هو معروف، والضمان فيه ليس من قبيل التبرع.
وضمان ما قبض بسوم، ليس من قبيل التبرع. وضمان السلعة المعيبة كذلك.
[الدليل الرابع]
قياس عقد التأمين على عقد الموالاة.
والمولاة: أن يقول رجل مجهول النسب لرجل معروف النسب، أنت وليي ترثني إذا مت، وتعقل عني إذا جنيت.
وقد سماه الحنفية: ولاء الموالاة، وهو جائز، ويقع به التوارث عند الحنفية، مستدلين على ذلك بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}[النساء: ٣٣].
والنصيب: هنا الميراث، قال الجصاص:«ثبت مما قدمنا من قول السلف أن ذلك كان حكمًا ثابتًا في الإسلام، وهو الميراث بالمعاقدة، والموالاة»(١).
وعقد التأمين من المسؤولية يشبه عقد الموالاة من حيث طرفا العقد، وعوضاه
فشركة التأمين يقابلها مولى الموالاة.
والمستأمن يقابل المعقول عنه.
والعوض الذي تلتزم به شركة التأمين يقابل الدية التي يدفعها مولى الموالاة.