قال ابن عابدين:«الظاهر اعتبار العرف في الموضع أو الزمان الذي اشتهر فيه دون غيره، فوقف الدراهم متعارف في بلاد الروم دون بلادنا، ووقف الفأس والقدوم كان متعارفًا في زمن المتقدمين، ولم نسمع به في زماننا، فالظاهر أنه لا يصح الآن، ولئن وجد نادرًا لا يعتبر؛ لما علمت من أن التعامل هو الأكثر استعمالًا فتأمل»(١).
[ويجاب]
بأننا إذا لم نصحح الوقف في النقود والطعام لجريان التعامل قلنا بالصحة لمقتضى القياس على النصوص الدالة على صحة وقف المنقول من سلاح، وكراع، والقياس دليل لم يخالف فيه إلا الظاهرية، وقولهم شاذ، بينما القول باعتبار العمل دليلًا شرعيًا، خاصة عمل ما بعد الصحابة، ولو في بعض البلاد الإسلامية لم يقل به إلا الحنفية، وهو قول ضعيف، وعمل الناس ينبغي أن يعرض على الشرع، لا أن يعرض الشرع على عمل الناس، وكيف يكون الشيء في بلد حلالًا، وفي آخر حرامًا، وذات الشيء واحدة، أليس هذا مدعاة لاضطراب الأحكام.
[الدليل الثاني]
أن الوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وكيف يتصور حبس النقود والطعام، إذا كانت منفعتهما هي الثمنية والأكل، وهاتان المنفعتان لا يمكن تحصيلهما إلا باستهلاك أصلهما.