ولكن في موضوعنا هنا قد يقال: وإن كان قد برئ المشتري من دين المستفيد فإنه لم يبرأ من دين المصرف؛ لأن المصرف يطالبه بسداد الدين الذي أداه عنه، فصارت الحوالة لم تحقق له البراءة من الدين، وإنما انتقل دين المشتري من كونه مدينًا للمحال إلى كونه مدينًا للمحال عليه.
الإشكال الثالث:
أخذ العوض على الحوالة الفقهية لا يجوز مطلقًا، سواء قلنا في توصيف الحوالة: إنها من قبيل بيع الدين بالدين، أو قلنا: إن الحوالة هي استيفاء للحق، وليست بيعًا.
فإن كيفت الحوالة بأنها بيع: كان المنع من أخذ العوض يرجع إلى أمرين:
الأول: أن الحوالة إذا كانت بيعًا لم تصح على من لا دين عليه لعدم الاعتياض، إذ ليس عليه شيء يجعله عوضًا عن حق المحتال (١).
الثاني: أن الحوالة في حال توصيفها بأنها بيع، يبقى إشكال آخر، فإن الشارع وإن رخص بعدم التقابض في بيع الدراهم بمثلها في عقد الحوالة، كما رخص في عقد القرض، فإن التفاضل في بيع الدراهم بالدراهم لا يجوز، وفي حال أخذ العوض على الحوالة سيكون هناك تفاضل قطعًا، فالبنك سيدفع (٩٨) ويأخذ مائة من العميل.
أما إن قلنا: إن الحوالة هي استيفاء للحق، وليست بيعًا، وهو مذهب الجمهور، وهو الراجح، فلا يجوز أخذ العوض عليها أيضًا.
فقد صرح الحنابلة والشافعية بأن الحوالة عقد إرفاق منفرد بنفسه، ليس