الوارث لا حق له في الثلث فلا وجه لمنع وصية المميز، والمعتبر فيه أن يعقل ما يوصي به.
[الدليل السادس]
قياس الصبي المميز على المحجور عليه في ماله، وقد أجمع العلماء على أن وصية البالغ المحجور عليه جائزة، ومعلوم أن من يعقل من الصبيان ما يوصي به فحاله حال المحجور عليه في ماله، وعلة الحجر تبديد المال وإتلافه، وتلك علة مرتفعة عنه بالموت، وهو بالمحجور عليه في ماله أشبه منه بالمجنون الذي لا يعقل فوجب أن تكون وصيته معتبرة خاصة مع الأثر الذي جاء فيه عن عمر رضي الله عنه (١).
قلت: حكاية الإجماع فيها نظر، ولعله يقصد بالإجماع إجماع المخالفين في وصية الصبي المميز، ولو قيل هذا في المحجور عليه لحظ غيره لكان أقرب، وسوف نبحث إن شاء الله تعالى في المبحث التالي حكم وصية السفيه، والمحجور عليه لحظ غيره، وسيتبين إن شاء الله تعالى هل المسألة هي من مسائل الإجماع، أو أن الخلاف فيها محفوظ؟ والله أعلم.
° الراجح:
القول بالصحة أقرب من القول بالمنع؛ لأن الوصية مصلحة له في أخراه، لا تعارضها مفسدة في دنياه ولا في أخراه، والوارث ليس له حق في ثلث مال الميت، وقد أخذ حقه بموجب الميراث، ويتأكد هذا في حق من قال: إن الوصية واجبة للأقارب من غير الورثة، والله أعلم.
* * *
(١). انظر الاستذكار ـ ط: دار الكتب العلمية (٧/ ٢٧٠).