للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني]

لو صح الأثر لكان معناه: تستتاب أي قبل أن تقتل كالخلاف في الرجل المرتد، هل يقتل قبل أن يستتاب، أو يستتاب فإن تاب وإلا قتل.

[الدليل الثاني]

(ث-٢١٩) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، ووكيع، عن أبي حنيفة، عن عاصم، عن أبي رزين،

عن ابن عباس، قال: لا تقتل النساء إذا ارتددن عن الإسلام، ولكن يحبسن، ويدعين إلى الإسلام، ويجبرن عليه (١).


(١). المصنف نسخة (عوامة) (٣٣٤٤٣).
وقد رواه عبد الرزاق في المصنف (١٨٧٣١) عن الثوري، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس. وهذا لو ثبت لكان متابعًا لأبي حنيفة، ولكن العلماء قد ذكروا أن الثوري قد دلسه، وأنه لم يسمعه من عاصم، بل رواه عن أبي حنيفة، فقد رواه الدارقطني (٣/ ٢٠١) من طريق محمد بن أبي بكر العطار أبي يوسف الفقيه، نا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن أبي حنيفة، عن عاصم به.
فرجعت رواية سفيان إلى رواية أبي حنيفة، وقد روى الدارقطني بسند صحيح عن يحيى بن معين، أنه قال: كان الثوري يعيب على أبي حنيفة حديثًا كان يرويه، ولم يروه غير أبي حنيفة، عن عاصم، عن أبي رزين. ساقه الدارقطني بعد ذكره لرواية أبي حنيفة.

وقال أبو عاصم الضحاك بن مخلد كما في سنن الدارقطني (٣/ ٢٠١): نرى أن سفيان الثوري إنما دلسه عن أبي حنيفة.
«قال أحمد بن حنبل: لم يروه الثقات من أصحاب عاصم كشعبة وابن عيينة وحماد بن زيد، وإنما رواه الثورى، عن أبى حنيفة، وقد قال أبو بكر بن عياش: قلت لأبى حنيفة: هذا الذى قاله ابن عباس إنما قاله فيمن أتى بهيمة أنه لا قتل عليه، لا فى المرتدة، فتشكك فيه وتلون لم يقم به، فدل أنه خطأ». انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال (٨/ ٥٧٤).
وروى البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٥٣): من طريق أبي بكر بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: سألت سفيان عن حديث عاصم في المرتدة،، فقال: أما من ثقة فلا.
وأبو بكر: هو محمد بن المؤمل بن الحسن، له ترجمة في سير أعلام النبلاء، وقال فيه: أحد البلغاء والفصحاء .... وكان أبو علي الحافظ يقرأ عليه تاريخ أحمد بن حنبل ... روى عنه السلمي، والحاكم، وسعيد بن محمد بن عبدان انظر سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٣ - ٢٤). وفي المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور (٥٩) مشهور ثقة، من بيت الحديث والصلاح والتزكية.
والفضل بن محمد: هو البيهقي الشعراني، له ترجمة في ميزان الاعتدال، جاء فيها:
قال أبو حاتم: تكلموا فيه. انظر الجرح والتعديل (٧/ ٦٩).
وقال الحاكم: لم أر خلافًا بين الأئمة الذين سمعوا منه في ثقته وصدقه، رضوان الله عليه، وكان أديبًا فقيهًا عالمًا عابدًا كثير الرحلة في طلب الحديث، فهمًا عارفًا بالرجال، تفرد برواية كتب لم يروه أحد بعده، التاريخ الكبير عن أحمد، والتفسير عن سنيد، والقراءات عن خلف، والتنبيه عن يحيى بن أكثم، والمغازي عن إبراهيم الحزامي، والفتن عن نعيم بن حماد. سير أعلام النبلاء. (١٣/ ٣١٨).
وقال الذهبي في السير: الإمام، الحافظ، المحدث، الجوال، المكثر. المرجع السابق.
وفي الميزان: وهو ثقة لم يطعن فيه بحجة، وقد سئل عنه الحسين القتبانى فرماه بالكذب، قال: وسمعت أبا عبد الله بن الأخرم يسأل عنه، فقال: صدوق، إلا أنه كان غاليا في التشيع. ميزان الاعتدال (٣/ ٣٥٨).
وأما ما رواه الدارقطني (٣/ ١١٨) من طريق أبي مالك النخعي، عن عاصم بن أبي النجود به، فهذه متابعة لا يفرح بها؛ لأن أبا مالك النخعي شديد الضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>