للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له، وتثبيت لمودته، وقد نهى الله عن التودد للمشركين بقوله: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ} [المجادلة: ٢٢] الآية، وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} [الممتحنة: ١] الآية. وإنما بعث عمر بالحلة إلى أخيه المشرك بمكة على وجه التأليف له على الإسلام؛ لأنه كان طمع بإسلامه، وكان التألف على الإسلام حينئذ مباحًا، وقد تألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صناديد قريش، وجعل الله للمؤلفة قلوبهم سهمًا فى الصدقات، وكذلك فعلت أسماء فى أمها» (١).

[ويجاب]

بأن القول بأن صلة الكفار كانت مشروعة ونسخت، وأن الناسخ النهي عن موالاة الكافر وموادته قول ضعيف جدًا؛ لأن الهبة لا تعني الموالاة، وإلا لما جازت الوصية للذمي؛ لأن الذمي كافر، من جملة الكفار الذين تجب البراءة منهم، وعدم موالاتهم، وأما محبة الكافر، فإن كانت لكفره فهذه منافية للإيمان، وإن كانت محبة طبيعة كمحبة الولد والوالد والقريب، والزوجة الكافرة، ونحو هذا فإنه لا ينافي الإيمان، والله أعلم.

نعم لو قيل: إن هذه الأدلة تدل على جواز الصلة، ولا تدل على جواز الوصية، والمخالف قد يوجد فارقًا بينهما يمنع من الاحتجاج بالقياس لكان أولى من القول بالنسخ، مع أني أرى أن قياس الوصية على الهبة قياس صحيح بجامع أن كلا منهما من عقود التبرع، والله أعلم.


(١). شرح صحيح البخاري لابن بطال (٧/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>