المصالح، وتهدر فيها الأوقات، وتنفق عليها الأموال، مع ما فيها من حرج ومشقة، فإذا علم المستصنع أن ثمن صناعته يتوقف على التزامه بالعقد، ومدى مطابقته للمواصفات، والتزامه بتنفيذ العقد في حينه، كان أحرص من المستصنع على إتقان صنعته، ولهذا كان من المصلحة عدم تسليم كامل الثمن للمستصنع، ويستطيع المستصنع أن يطلب تعهدًا بنكيًا يحفظ حقه من الضياع، بعد الفراغ من الاستصناع، والله أعلم.
[الدليل الثاني]
(ح-٥٤٣) ما رواه أحمد من طريق أبي بشر، عن يوسف بن ماهك،
عن حكيم بن حزام، قال: قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك.
[المحفوظ في إسناده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى](١).
[وجه الاستدلال]
أن الرجل في عقد الاستصناع يبيع شيئًا لم يصنع بعد، وقد تكون مواده الخام ليست عند البائع، فيذهب، ويبحث عنها، وقد يجدها في السوق، وقد لا يجدها، وكل هذا يدل على أن عقد الاستصناع ينطبق عليه أنه بيع ما ليس عند الإنسان، وهو منهي عنه.
[ويناقش]
بأن الممنوع في بيع ما ليس عند الإنسان، هو بيع الأعيان التي ليست للبائع، وأما بيع شيء موصوف في الذمة، فلا حرج في ذلك، ولذلك جاز بيع السلم،