للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل في المعاملات الحل، وهذا أقوى دليل للقائلين بالجواز، وهو الدليل الذي أراه سالمًا من المعارضة، ومحاولات القائلين بالجواز في إيجاد دليل إيجابي لمعاملة مستحدثة على غير مثال سابق لها في المعاملات القديمة، قد يكون فيه تكلف، وربما إذا رأى القارئ سلامة الاعتراضات على أكثر الأدلة يعتقد ضعف القول، وهذا من الخطأ؛ لأن المعاملات، والعقود، والشروط، الأصل فيها الحل، حتى يقوم دليل شرعي صحيح على تحريمها.

وهذا الذي حمل الدكتور رفيق المصري أن يقول: «أنا لا أشك أن بعض المجيزين للتأمين التجاري قد استدلوا بأدلة ضعيفة، وأن بعضهم كان يريد إباحته بأدلة متكلفة، وبأي ثمن، وبناء على أحكام مسبقة، ولكن خصومهم إذ شعروا بأنهم قد استطاعوا رد مثل هذه الأدلة، ضنوا أنهم قد ردوا التأمين، والحال أن التأمين يمكن أن يستدل له بأدلة أخرى قوية، يصعب ردها» (١).

بل كنت أتمنى لو اكتفى القائلون بالجواز بهذا الدليل، ولم يتكلفوا غيره من الأدلة التي لا تسلم من النقاش، ومع ذلك أوردت أكثر هذه الأدلة وإن كنت غير مقتنع بها؛ لأن هذا ما يقتضيه البحث العلمي، ورب دليل رأيته غير مقنع كان مقنعًا لغيري.

[مناقشة هذا الاستدلال]

المانعون لا يسلمون بهذا الدليل، كما لا يسلمون بغيره، ويرون أن الإباحة الأصلية لا تصلح دليلًا هنا؛ لأن عقود التأمين التجاري - فيما يرون - قد قامت الأدلة عندهم على مناقضتها لأدلة الكتاب، والسنة، والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد عندهم، فبطل الاستدلال.


(١) الخطر والتامين (ص: ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>