الأول: أن الآية ليس فيها دليل؛ لأن الآية إن كانت من باب الإجارة فهي لا تصح لعدم تحديد المدة، لأن التعليم لا يعلم مقدار وقته، فقد يتعلم في زمان يسير، وقد يحتاج إلى زمان طويل، وإن كانت من باب الجعالة وهي في مثل هذا، مع عدم تحديد المدة لا تصح أيضًا، بل يجب أن يعتقد أنه لما تعذر الصداق بالعجز جعل عليه السلام حفظه للقرآن فضيلة توجب تزويجه، وأخر الصداق في ذمته تفويضًا، وعليه فتكون الباء في قوله (بما معك) بمعنى اللام، أي زوجناكها لما معك من القرآن، ونظيره قصة أبي طلحة مع أم سليم.
(ح-٥) وذلك فيما أخرجه النسائي وصححه من طريق جعفر ابن سليمان، عن ثابت،
عن أنس، قال: خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر، وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، لا أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها. والإسلام لا يكون صداقًا بل تفويضًا.
ورد هذا الاعتراض:
ليس في الحديث ما يدل على أنه جعل الصداق دينًا في ذمته، وإنما النص على أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوجها بما معه من القرآن، والأصل أن الباء للعوض، ودعوى أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوجها إياه بمهر في الذمة تعطيل للنص المحفوظ، وإحالة على أمر لم يحفظ من النص.
وأما الجواب عن دعوى الجهالة في مدة الإيجار فإن الجهالة في مدة الإيجار يسيرة خاصة مع تحديد السور المراد تعلمها، فهذا العقد في استئجار الحمام