للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعليل من قال: الدين لا يعتبر مالًا:

[التعليل الأول]

عللوا ذلك: بأن الدين إنما هو وصف في الذمة، لا يتصور قبضه حقيقة (١).

وقد تكلف الحنفية رحمهم الله في تصوير كيفية استيفاء الدين، لاعتقادهم بأن الدين لا يمكن قبضه حقيقة،، وإنما يكون بطريق المقاصة عند أبي حنيفة (٢).

ويناقش:

بأن الدين كونه وصفًا في الذمة فهذا من حيث تعلقه، فهو إما أن يتعلق بالذمة، وهو الدين أو يتعلق


(١) البحر الرائق (٤/ ٤٠٤)، الدر المختار (٣/ ٨٤٨)، المبسوط (٩/ ١٤)، تبيين الحقائق (٣/ ١٥٨ - ١٥٩، ١٦٣)، حاشية ابن عابدين (٣/ ٧٨٩) ..
(٢) بيان ذلك: إذا اشترى رجل ثوبًا بعشرة دراهم صار الثوب ملكًا له، وحدث بالشراء في ذمته عشرة دراهم ملكًا للبائع، فإذا دفع المشتري عشرة إلى البائع وجب مثلها في ذمة البائع دينًا، وقد وجب للبائع على المشتري عشرة بدلًا عن الثوب، فالتقيا قصاصًا.
يقول الكاساني في بدائع الصنائع (٥/ ٢٣٤): «قبض نفس الدين لا يتصور; لأنه عبارة عن مال حكمي في الذمة، أو عبارة عن الفعل وكل ذلك لا يتصور فيه قبضه حقيقة، فكان قبضه بقبض بدله وهو قبض العين، فتصير العين المقبوضة مضمونة على القابض وفي ذمة المقبوض منه مثلها في المالية، فيلتقيان قصاصًا هذا هو طريق قبض الديون».
قال ابن تيمية رحمه الله: «وهذا تكلف أنكره جمهور الفقهاء، وقالوا: بل نفس المال الذي قبض يحصل به الوفاء، ولا حاجة إلا أن يقدروا في ذمة المستوفي دينًا، فالدين في الذمة من جنس المطلق الكلي، والعين من جنس المعين الجزئي، فإذا ثبت في ذمته دين مطلق كلي كان المقصود منه الأعيان المشخصة الجزئية، فأي معين استوفاه حصل به مقصوده، لمطابقته للكل مطابقة الأفراد الجزئية». بدائع الفوائد لابن القيم (٤/ ١٢٣)، وانظر مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>