للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

خلاف العلماء في تفسير حديث (لا تبع ما ليس عندك)

[م -٣٣٤] اختلف الناس في تفسير حديث: «لا تبع ما ليس عندك «إلى ثلاثة أقوال، ذكرها ابن تيمية في مواضع من كتبه، ونقله عنه موافقًا له تلميذه ابن القيم (١)،

خلاصتها:

[القول الأول]

ذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن حديث حكيم بن حزام إنما ينهى عن بيع الأعيان المعينة، ليكون بيع الموصوف في الذمة ليس داخلًا تحته مطلقًا، لا حالًا، ولا


(١) نقل ابن القيم رحمه الله كلام شيخه موافقًا له في زاد المعاد (٥/ ٨١١)، وخالف الشافعي في قوله بأن حديث حكيم بن حزام في بيع الأعيان.
وقال في إعلام الموقعين (٢/ ١٩): «قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، يحمل على معنيين:
أحدهما: أن يبيع عينًا معينة، وهي ليست عنده، بل ملك للغير، فيبيعها، ثم يسعى في تحصيلها، وتسليمها إلى المشتري.
والثاني: أن يريد بيع ما لا يقدر على تسليمه، وإن كان في الذمة، وهذا أشبه، فليس عنده حسًا ولا معنى، فيكون قد باعه شيئًا لا يدري هل يحصل له أم لا؟ .... »
إلا أنه في تهذيب السنن (٩/ ٢٩٩) رجع إلى قول الشافعي، قال رحمه الله: «ظن طائفة أن السلم مخصوص من عموم هذا الحديث - يعني حديث حكيم بن حزام - فإنه بيع ما ليس عنده، وليس كما ظنوه، فإن الحديث تناول بيع الأعيان، وأما السلم فعقد على ما في الذمة، بل شرطه أن يكون في الذمة، فلو أسلم في معين عنده كان فاسدًا».

فهذا ذهاب من ابن القيم إلى أن الحديث في بيع الأعيان، وهو خلاف ما اختاره شيخه رحمه الله كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإنه ضعف أن يكون المشتري قد اشترى من حكيم عبد فلان أو سلعة فلان، وإنما اشترى شيئًا موصوفًا في ذمته، حالًا، وهو ليس عند البائع، وقاس عليه النهي عن بيع الأعيان إذا لم تكن عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>