[وجه التفريق بين المساقاة في الذمة والمساقاة على عين العامل]
أن المساقاة إذا كانت واردة على عين الساقي تعين على الساقي أن يقوم بذلك بنفسه؛ لأن العقد وقع على منافع نفسه، لا على عمل غيره.
وإن كان التزام المساقاة في ذمة الساقي لم يتعين عليه مباشرته بنفسه، فسواء قام بذلك بنفسه، أو قام بذلك غيره فقد حصل مقصود المالك.
فالشافعية جعلوا حكم الساقي حكم الأجير، والعمل إذا كان واردًا على عين الأجير تعين عليه أن يقوم بذلك بنفسه، وإن كان العمل واردًا على ذمته كالأجير المشترك جاز له أن يستأجر غيره بإنجاز ما استؤجر عليه إذا لم يشترط عليه أن يقوم بذلك بنفسه، وقد بينا أدلة ذلك في عقد الإجارة.
[الراجح]
أن عقد المساقاة في الأحكام كعقد المضاربة، وليس كعقد الإجارة، ولو نزلنا أحكام الإجارة على عقد المساقاة لم تصح المساقاة أصلًا؛ لأن الأجرة وهي الثمرة مجهولة معدومة، وإذا كان المضارب لا يحق له أن يضارب غيره إلا بإذن رب المال فكذلك المساقى لا يحق له أن يساقي غيره إلا بإذن رب المال، لأن رب المال إنما رضي مشاركة هذا العامل، ولم يرض مشاركة غيره، والله أعلم.