لما كان الوقف قائمًا على تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وكان الوقف متوجهًا على عين ينتفع بها مع بقاء عينها، جاء البحث في كيفية استثمار هذه المنفعة بما يعود بالنفع على الوقف وعلى الموقوف عليه، ومن ذلك استثمار الوقف عن طريق الإجارة، وهو طريق فقهي قديم أفتى به العلماء من أجل مصلحة الوقف بإيجاد موارد مالية لإعماره وصيانته، وإيجاد فائض مالي ينتفع به الموقوف عليه، بل إن هناك من العلماء من ربط القول بصحة وقف العين بصحة إجارتها، ومنع من وقف بعض الأعيان إذا لم تصح إجارتها عنده، كالخلاف في وقف النقود بناء على أن إجارة النقود لا تصح.
[م-١٥١٩] قال الشيرازي: «اختلف أصحابنا في الدراهم والدنانير، فمن أجاز إجارتها أجاز وقفها، ومن لم يجز إجارتها لم يجز وقفها»(١).
وقد بحثت هذه المسألة في مبحث مستقل.
[م-١٥٢٠] ولم يختلف العلماء فيما أعلم في صحة إجارة الوقف، وإنما اختلفوا في مدة إجارته، وفي مخالفة شرط الواقف إذا منع من الإجارة، أو حددها بمدة معينة، وفي أجر المثل، والله أعلم،
يقول فضيلة الشيخ علي القره داغي: «وإجارة الموقوف والانتفاع بإجارته محل اتفاق بين الفقهاء ولكنهم