وأما إذا كانت الأجرة بثمن المثل فلا حرج في أن يكون البيع ثمنًا رمزيًا ما دام أن المؤجر قد رضي بهذا الثمن لسلعته، ولم يتعرض لتغرير أو خداع؛ لأن العبرة حصول التراضي على ثمن البيع، وقد حصل.
[الوجه الثاني]
اشتمال العقد على الغرر والمخاطرة، فإنه في حال عجز المستأجر عن سداد آخر قسط أو أكثر فسوف ينهي المالك العقد، ويأخذ العين بحجة أنه عقد إجارة مع أن ما يسمى مستأجرًا قد دفع أقساطًا لا تتناسب مع الإجارة، بل هي متناسبة مع قيمة المبيع، ولا يعاد له ما زاد عن أجرة المثل، فيكون بذلك قد خسر الثمن والمثمن (١).
[الراجح في هذا العقد]
الصحيح أن العقد لا يجوز، وعلة ذلك ليس للنهي عن الجمع بين البيع والإجارة، ولا لكون البيع معلقًا على أمر مستقبل، ولكن علة المنع الجهالة والغرر، وذلك أن عقد البيع معلق على تمام سداد أقساط الإجارة، فإذا عقد البيع على عين، وكان نفاذ هذا البيع مؤجلًا إلى بعد انتهاء عقد الإجارة، وكانت مدة الإجارة طويلة بحيث تتغير فيها السلعة، وهذا التغير لا يمكن ضبطه؛ لأن الناس يتفاوتون في الاستخدام، فيكون عقد البيع على هذا قد أبرم على عين مجهولة غير معلومة الصفة معرضة للتلف كليًا أو جزئيًا من غير تعد ولا تفريط، وهذا التغير بالاستخدام لا يمكن ضبطه مما يجعل العين مجهولة الصفة، وهذا يبطل البيع، والله أعلم.
(١) الإيجار الذي ينتهي بالتمليك - ابن بية - مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس (٤/ ٢٦٦٩).