للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى تأخير ذلك إلى وقت لاحق، ويعيب هذه النظرية أن الموجب ستمضي عليه فترة عدم استقرار، لا يعلم فيها إذا كان العقد قد انعقد أم لا.

[وأما نظرية تصدير القبول]

فهي تتفق مع النظرية الأولى في أساسها، ولكنها تختلف عنها في اشتراط أن يكون القبول نهائيًا، والقبول لا يكون نهائيًا في رأي أصحابها إلا إذا استحال على القابل الرجوع فيه، وهذا لا يتأتى إلا إذا صَدَّر القبول فعلًا بالبريد أو البرق؛ لأنه قبل تصديره يكون في استطاعة القابل الرجوع فيه بإهمال تصدير الكتاب الذي يتضمنه أو بإعدامه، وهو ما قد يحدث لو تغيرت الظروف، وأصبحت الصفقة غير مربحة له (١).

الثانية: نظرية استلام القبول (نظرية التسليم).

هذه النظرية تقول بانعقاد العقد عندما يتسلم المرسل (الموجب) جواب الطرف القابل، ولو قبل الاطلاع على مضمونه.

وتخالف نظرية العلم بالقبول بأن العقد في القول باشتراط العلم بالقبول لا ينعقد إلا بعد الاطلاع على مضمون الخطاب، فلو أقام الدليل على أنه لم يعلم بالقبول بالرغم من وصوله لم ينعقد العقد (٢).


(١) مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني (ص: ٦٨)، الوسيط - مصادر الالتزام (١/ ٢٥٦ - ٢٥٧).
(٢) فأصبحت النظريات أربع، نأخذها حسب التسلسل:

الأولى: إعلان القبول. ينطلق أصحابه من موافقته للقواعد العامة، طالما أن العقد توافق إرادتين، وبالتالي فإن إعلان القبول في هذه الحالة ينعقد به العقد، لكن لما كان إعلان القبول هذا عملًا فرديًا من جهة القابل يستطيع أن يرجع فيه متى شاء، لذا فقد وجد المذهب الثاني، وهو (تصدير القبول) حيث يشترط أصحابه تصدير القبول بالبريد حتى نتفادى رجوع القابل وتكون موافقته نهائية، ومع ذلك وجه النقد لتصدير القبول على هذا النحو، باعتبار أن التصدير أيضًا غير كاف إذ إن الشخص ما زال بإمكانه استرداد رسالته، أو أن يتدارك ذلك بإرسال برقية تفيد عدوله عن القبول، ولتفادي الانتقادات الخاصة بإمكان الرجوع في القبول، واسترداده في حالة تصديره ظهر مذهب (استلام القبول) أي أن العقد ينعقد عندما يصل القبول إلى الموجب، لكن هذا المذهب لم يخل من النقد أيضًا إذ هو لا يفيد علم الموجب بالقبول، ومن ثم فإن الاتجاه الرابع قد ذهب إلى العلم بالقبول، وبمقتضاه أن العقد لا ينعقد إلا إذا اطلع الموجب على القبول، وإن كان وصول القبول يعتبر قرينة على العلم به، ويجوز إثبات عكسها. انظر النظرية العامة للالتزامات - الدكتور أمجد محمد منصور (ص: ٧٩ - ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>