للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما تسامح المالكية في اليومين جريًا على القاعدة عندهم، أن ما قرب من الشيء يعطى حكمه، فكأنه لم يمرض ولم يغب، وقد طردوا ذلك في مسائل كثيرة، ولأن هذا أمر يقع كثيرًا بين الشركاء، وجرت به عادتهم إلا أن يتفاحش المرض والغياب أو يشترط، وقد ذكرنا أدلتهم على هذه القاعدة في مباحث السلم، في تأخير تسليم الثمن عن مجلس العقد اليوم واليومين.

واستدل المالكية على إبطال الشركة إذا كان الغياب مشروطًا في مجلس العقد باعتبار أن هذا الشرط يخالف مقتضى عقد شركة الأبدان؛ لأنها قائمة على الاشتراك في العمل، وقد دخلا في الشركة على ذلك، فإذا تضمن العقد ترك العمل كان هذا مخالفًا لمقتضى العقد.

وإن كان ترك العمل في المدة الطويلة غير مشروط في عقد الشركة، فقد اختلف المالكية إلى أقوال:

فقيل: إن كان الغياب قبل تقبل العمل فيختص به العامل دون الغائب والمريض، وإن كان بعد تقبل العمل كان الكسب بينهما، ويرجع العامل بنصف أجرة مثله على شريكه. وهذا أحد الأقوال في مذهب المالكية (١).

[واستدلوا على ذلك]

بأن الغياب أو المرض إذا كان بعد تقبل العمل كان كل منهما ضامنًا لما يتقبله


(١) حاشية الصاوي على الشرح الصغير (٣/ ٤٧٧)، البهجة في شرح التحفة (٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥)، الفواكه الدواني (٢/ ١٢٠)، منح الجليل (٦/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>