أن اللبن الذي أخذه المشتري قد كان بعضه في ضرعها وقت وقوع البيع، فهو جزء من المبيع، وبعضه حدث في ضرعها في ملك المشتري بعد وقوع البيع عليها فهو من ملك المشتري، فلما لم يمكن رد اللبن بكماله على البائع؛ لأن بعضه مما يملكه المشتري. ولم يمكن أن يجعل كله للمشتري، لأن بعضه جزء من المبيع، وقد اختلط هذا بهذا، ولم يعرف مقدار واحد منهما، فيفوت الفسخ في المبيع كما لو تصرف المشتري في المبيع المعيب بعد قبضه (١).
[ويجاب]
بأن الشرع قد قضى في هذا النزاع، ونص على رد صاع من تمر بدلًا من اللبن المجهول الكمية، فوجب المصير إليه.
[موقف الحنفية من حديث أبي هريرة في النهي عن التصرية.]
ادعى الحنفية في رد حديث أبي هريرة دعاوى كثيرة، كلها لا تقف في مواجهة الحديث الثابت الصحيح، منها ما لا ينبغي ذكره، كالكلام الذي يطال شخص الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، فإن مثل هذا لا يقدر الباحث على ذكره تعاظمًا له واستقباحًا، فيرى بدلا من الجواب عليه تجاهله؛ لافتقاره إلى الموضوعية والإنصاف، وأسأل الله أن يغفر لهم ما وقعوا فيه من التعصب الذي أوقعهم في النيل من صحابي جليل كرس حياته لحفظ العلم، وروايته.
ومنها ما يمكن مناقشته والجواب عنه كقولهم: إن هذا الحديث مخالف للكتاب والسنة والأصول من وجوه عندهم: