شبهًا كافيًا في تحميله الضمان قياسًا على الأجير. وهذا ليس صحيحًا، وإنما السبب في تضمين الصناع أن الصناع يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط وترك الحفظ، وأما انفراد المضارب في إدارة المال فإنه الأصل في عقد المضاربة، بل إن بعض أهل العلم يشترط لصحة المضاربة انفراد المضارب بالتصرف، ولم يقل أحد من أهل العلم أن انفراده بالتصرف موجب لضمانه، ولو صح هذا القياس للزم أن يقال: إن الوديع والوكيل المشترك يضمن وإن لم يتعد أو يفرط؛ لكونه مشتركًا وينفرد بالحفظ والعمل، وهذا غير صحيح. والله أعلم (١).
[الدليل الخامس]
قد صحح المالكية التطوع بالضمان بعد العقد وبعد الشروع فيه، ويصبح الوعد به ملزمًا للعامل؛ فإذا صح التطوع بالضمان بعد العقد، صح التطوع بالضمان في صلب العقد؛ لأن ما لا يجوز التزامه في العقد لا يجوز التطوع بالتزامه بعده.
[ويناقش]
بأن مذهب المالكية أن عقد المضاربة عقد لازم، وليس عقدًا جائزًا خلافًا لمذهب الجمهور، وأن العقد لا يلزم إلا بالشروع فيه، وأن التطوع بالضمان عندهم إن كان قبل لزوم العقد لم يصح؛ لأن التطوع به يلحق بالعقد؛ لأن العقد قبل لزومه لم يستقر بعد فجميع ما يضاف إلى العقد قبل لزومه يلحق بأصل العقد، ويكون تعديلًا للعقد السابق، والضمان في هذه الحالة يكون كما لو
(١) انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثالث عشر (٣/ ١٦٤ - ١٦٥)، الخدمات الاستثمارية في المصارف (٢/ ١٢٨).