للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال الزوج لزوجته: طلقتك بكذا، فقالت: قبلت. فقد بانت المرأة منه، وتفرقا بهذا القول، وإن لم يتفرقا بالأبدان.

وقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة:٤].

ويقال: تشاور القوم في كذا فافترقوا عن كذا يراد به الاجتماع على قول والرضى به وإن كانوا مجتمعين في المجلس.

وعلى التسليم بأن المراد بالفرقة بالأبدان، فإن المراد بالخيار هنا خيار القبول، وذلك إذا قال البائع للمشتري: بعتك هذا بكذا، فالمشتري بالخيار في قبول ذلك ما لم يفارق صاحبه بالبدن، فإذا فارق صاحبه بالبدن سقط خياره في القبول، وتفسير الفرقة بهذا له أصل في الشرع متفق عليه، وهي الفرقة في عقد الصرف، فهي فرقة بالبدن باتفاق الفقهاء، فإذا تفرق العاقدان في عقد الصرف بالأبدان قبل القبض بطل العقد، فكذا الفرقة في مسألتنا إذا حصلت بالبدن قبل القبول بطل الإيجاب، وعلى ذلك لا دلالة في حديث ابن عمر رضي الله عنه على خيار المجلس.

[ويناقش هذا القول من وجوه]

أولًا: حمل التفرق على الأقوال، وليس على الأبدان من قبيل المجاز، ولا يتحول إلى المجاز إلا عند تعذر حمله على الحقيقة.

«قال البيضاوي: ومن نفى خيار المجلس ارتكب مجازين: بحمله التفرق على الأقوال، وحمله المتبايعين على المتساومين» (١).

ثانيًا: لا يقبل أن يكون اتفاق الإيجاب والقبول، وتطابقهما من قبيل التفرق، بل ذلك من قبيل التوافق والاتفاق.


(١) فتح الباري (٤/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>