للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه بالقبض، وليس بحوالة؛ لأن الحوالة إنما تكون لمن له حق، ولا حق للمحتال عليه هاهنا، فثبت أن ذلك توكيل» (١).

[وجه ذلك]

قال ابن قدامة: «لأن الحوالة مأخوذة من تحول الحق وانتقاله ولا حق هاهنا ينتقل ويتحول وإنما جازت الوكالة بلفظ الحوالة؛ لاشتراكهما في المعنى; وهو استحقاق الوكيل مطالبة من عليه الدين كاستحقاق المحتال مطالبة المحال عليه وتحول ذلك إلى الوكيل كتحوله إلى المحيل» (٢).

[القول الثاني]

لا تصح لا حوالة ولا وكالة، اختاره بعض الشافعية (٣).

أما كون العقد لا يصح حوالة؛ فلأن الحوالة مأخوذة من تحول الحق وانتقاله، ولا حق هنا ينتقل ويتحول.

وأما كونه لا ينعقد وكالة فاعتبارًا للفظ، فإن لفظ الحوالة غير لفظ الوكالة، وهذا القول اختاره بعض الشافعية، وهو يتفق مع أصول مذهبهم بأن المقدم في العقود الألفاظ على المعاني.

وقد سبق عقد مبحث مستقل في مناقشة المعتبر في العقود، هل هو المقاصد والمعاني، أو الألفاظ والمباني في مقدمة عقد البيع وبينت فيه ضعف مذهب الشافعية، وأنهم لم يطردوا في ذلك، ففي أحيان كثيرة يقدمون اللفظ على المعنى، وفي عقود أخرى يقدمون المعنى على اللفظ. فأغنى ذلك عن إعادته هنا، والله أعلم.

* * *


(١) البيان للعمراني (٦/ ٢٩٤).
(٢) المغني (٤/ ٣٣٧).
(٣) حاشية الجمل (٣/ ٣٧٢)، حاشية البجيرمي (٣/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>