يحرم القرض، وكون المقترض بعد تملكه للقرض قد يفعل به ما حرم الله هذا لا يسأل عنه المقرض، وإنما يسأل عنه المقترض، وهذا يمكن تخريجه على مذهب الشافعي الذي ينظر إلى ظاهر العقود دون ما ينويه العاقدان.
قال الشافعي:«أصل ما أذهب إليه: أن كل عقد كان صحيحًا في الظاهر لم أبطله بتهمة، ولا بعادة بين المتبايعين، وأجزته بصحة الظاهر، وأكره لهما النية إذا كانت النية لو أظهرت كانت تفسد البيع. وكما أكره للرجل أن يشتري السيف على أن يقتل به، ولا يحرم على بائعه أن يبيعه ممن يراه أنه يقتل به ظلمًا; لأنه قد لا يقتل به، ولا أفسد عليه هذا البيع وكما أكره للرجل أن يبيع العنب ممن يراه أنه يعصره خمرًا، ولا أفسد البيع إذا باعه إياه; لأنه باعه حلالًا وقد يمكن أن لا يجعله خمرًا أبدًا وفي صاحب السيف، أن لا يقتل به أحدا أبدًا»(١).
وهذا القول من الشافعي رحمه الله مطرد مع أصل مذهبه من تقديم ظاهر اللفظ على النية في العقود، وهذا القول من الشافعي مرجوح، وقد ناقشته في مسألة مستقلة في باب موانع البيع.
[الوجه الثاني]
أن الإعانة على المعصية حرام ولكن الإعانة الحقيقية هي ما قامت المعصية بعين فعل المعين، ولا يتحقق إلا بنية الإعانة أو التصريح بها، أو تعينها في استعمال هذا الشيء بحيث لا يحتمل غير المعصية، وما لم تقم المعصية بعينه لم يكن من الإعانة حقيقة، بل من التسبب، ومن أطلق عليه لفظ الإعانة فقد تجوز.
ثم التسبب على قسمين: بعيد وقريب.
أما البعيد فلا حرمة فيه؛ ولو اعتبر ذلك لم يبق عمل مباح على وجه الأرض،