للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن زراعة الحبوب الغذائية والثمار يسبب النفع لأعداء الله، وكذلك من ينسج الثياب فإنه يهيئ لباسًا للبر والفاجر، وربما يستعمله الفاجر في فجوره.

وأما السبب القريب فهو على قسمين:

الأول: ما كان باعثًا للإثم بمعنى كونه محركًا له، بحيث لولا هذا ا لسبب لما صدرت المعصية، وإن إحداث مثل هذا السبب حرام كارتكاب المعصية سواء بسواء، وفي هذا القسم من السبب قال فيه الشاطبي في الموافقات: «إن إيقاع السبب بمنزلة إيقاع للمسبب ... » (١).

قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨].

فلما كان سب الأصنام يؤدي إلى سب الله نهى الله سبحانه وتعالى عن سب الأصنام؛ سدًا للذريعة.

القسم الثاني من السبب القريب ما ليس بمحرك للمعصية في نفسه، بل تصدر المعصية بفعل فاعل مختار، مثل بيع العنب لمن يعصره خمرًا، فالعنب لم تقم المعصية بعينه، بل بعد تغيره ومثله إجارة الدار لمن يتعبد فيها للأصنام.

وجاء في التاج والإكليل: «إذا ظهرت من مكتري الدار خلاعة، وفسق، وشرب خمر لم ينتقض الكراء، ولكن الإمام يمنعه من ذلك، ويكف أذاه عن الجيران ... » (٢).

ويقول الخرشي: «الإجارة لا تنفسخ بظهور المستأجر فاسقًا يشرب فيها الخمر، أو يزني، أو نحو ذلك .. » (٣).


(١) الموافقات (١/ ٢١١).
(٢) التاج والإكليل (٥/ ٤٣٥).
(٣) الخرشي (٧/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>