للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الخامس

في عقد المضاربة (القراض)

توطئة

في تعريف المضاربة

تعريف المضاربة اصطلاحًا (١):

تلتقي تعاريف الفقهاء للمضاربة في المعنى، وإن اختلفت في اللفظ، فهي


(١) جاء في اللسان: ضرب في الأرض يضرب ضربًا وضربانًا، ومضربًا بالفتح: خرج فيها تاجرًا أو غازيًا. اللسان (١/ ٥٤٤).
والمضاربة والقراض اسمان لمسمى واحد، فالقراض لغة أهل الحجاز، وهو اللفظ المفضل لدى فقهاء المالكية والشافعية.
والمضاربة لغة أهل العراق. وهو اللفظ المفضل لدى فقهاء الحنفية والحنابلة. انظر الاستذكار (٢١/ ١١٩)، الذخيرة (٦/ ٢٣)، الحاوي الكبير للماوردي (٧/ ٣٠٥)، جواهر العقود للسيوطي (١/ ١٩٢).
والمضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض، وهو السفر للتجارة، قال تعالى: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله} [المزمل: ٢٠].
وقال الرافعي: المضاربة من المفاعلة التي تكون من واحد. نيل الأوطال (٥/ ٣٩٠).
وقال ابن منظور: جائز أن يكون كل واحد من رب المال ومن العامل يسمى مضاربًا؛ لأن كل واحد منهما يضارب صاحبه، وكذلك المقارض. لسان العرب (١/ ٥٤٤).

ولفظ القراض: قيل: مأخوذ من القرض، وهو القطع، وذلك أن المالك قطع للعامل قطعة من ماله، وأعطاها له مقارضة ليتجر فيها، ومنه قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له أضعافًا كثيرة} [البقرة: ٢٤٥] والمعنى: من يقطع الله جزءًا من ماله فيضاعف له ثوابه أضعافًا كثيرة، إلا أن المنفعة إذا كانت لطرف واحد قيل له قرض، وإذا كانت المنفعة للاثنين كانت منهما مفاعلة قيل له قراضًا، فكأن هذا سلف ماله، وهذا سلف عمله فصارا متسالفين، فسمي قراضا، وقيل متقارضان. انظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٠٦).
وقيل: القراض مأخوذ من المقارضة، وهي المساواة، ومنه تقارض الشاعران إذا استويا في الإنشاد؛ لأنهما يستويان في الانتفاع بالربح. انظر الذخيرة (٦/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>