فعلم من هذا التفصيل، أن مذهب الحنفية جواز بيع المغيب في الأرض، إذا علم وجوده، ويبقى الخلاف في ثبوت الخيار للمشتري بعد رؤيته، فأبو حنيفة يثبت له الخيار مطلقًا.
وذهب صاحباه أن ما يباع كيلًا، أو وزنًا، إذا رأى بعضه ليس له خيار في الباقي، وما يباع بالعدد فللمشتري الخيار، ولو رأى بعضه، وعليه الفتوى.
وأما مذهب المالكية، فمنهم من أجازه مطلقًا، كالناصر اللقاني، ورأى أن رؤية ورقه يستدل بها على رؤية ما في الأرض من كبر أو صغر، على ما هو معروف لأهل الخبرة.
واشترط ابن رشد وغيره ثلاثة شروط للجواز:
الأول: أن يرى المشتري ظاهره.
الثاني: أن يقلع شيئًا منه ويراه، فلا يكفي في الجواز رؤية ما ظهر منه بدون قلع.
الثالث: أن يحزر إجمالًا بالقيراط، أو بالفدان، أو بالقصبة، ونحوها، ولا يجوز بيعه من غير حرز حتى لا يكون مجهولًا (١).
(١) حاشية الدسوقي (٣/ ١٨٦)، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (٢/ ٢١٩)، الفواكه الدواني (٢/ ١٣٠)، ولم يذكر ابن عبد البر إلا اشتراط رؤية بعضه، قال في الكافي (ص: ٣٣٠): «وجائز عند مالك رحمه الله شراء الفجل، والجزر، واللفت، والثوم، والبصل، ونحو ذلك مغيبًا في الأرض، إذا نظر إلى بعضه، وكان قد استقل ورقه، وأمنت العاهة فيه، وأكل منه، وإنما تؤمن العاهة عليه إذا كان ما قلع وقطع منه ليس بفساد، لطيبه، وانتهائه».