الذهب بالذهب ومعه شيء آخر غيره، فلو لم يمكن الجمع لما ضر الاختلاف.
هذا الإطلاق فيه نظر: فإن مسلمًا رواه من طريق الجلاح أبي كثير، عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر، نبايع اليهود: الوقية الذهب بالدينارين والثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن. وهذه ليس فيه أي إشارة للقلادة، وأن المسألة في بيع الذهب بالذهب، وليس معه شيء آخر. وليس في النهي عن بيع ما لم يفصل، وقد رجحت في تخريج الحديث أن هذا الطريق شاذ، والله أعلم.
ثانيًا: قول الحافظ رحمه الله: ينبغي الترجيح بين رواتها، وإن كان الجميع ثقات، فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم، ويكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة.
قد يقال: كيف يمكن الترجيح بين رواية ابن المبارك، ورواية الليث ابن سعد، وكلاهما إمام حافظ، وليس مع أحدهما ما يستوجب ترجيحه على الآخر من كثرة عدد، أو اختصاص بشيخ، وتغليط أحدهما بلا موجب مخالف للمنهج العلمي، إلا أن الخلاف بينهما يمكن حصره، فابن المبارك زاد في الحديث (إنما أردت الحجارة) ولم يذكرها الليث. والثمن عند ابن المبارك بالشك (سبعة أو تسعة) والثمن عند الليث بالجزم: اثنا عشر دينارًا.
على أنه يمكن أخذ كلام ابن حجر وتطبيقه في المقارنة بين رواية حنش الصنعاني، وعلي بن رباح اللخمي، وكلاهما ثقة، وقد اختلف على الأول اختلافًا كثيرًا، ولم يختلف على الثاني، فكانت القواعد الحديثة تقضي بترجيح طريق من لم يختلف عليه في الحديث على طريق من اختلف عليه؛ ويقبل من رواية حنش ما وافق رواية علي بن رباح، وهما قد اتفقا على أن المبيع قلادة، وأن فيها خرزًا وذهبًا، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع حتى تفصل، وما زاده حنش