للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله لو كان الأقل مقيساً على منصوص عليه: كما لو ترك الإنسان بقعة في غسل يده في الوضوء، فإن وضوءه غير صحيح، ولا يقال: هذا قليل بالنسبة لأعضاء الوضوء قياساً على قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ويل للأعقاب من النار).

فإذا طبقنا هذا الشرط على يسير الربا، فيسير الربا لم يقل أحد إنه لم ينص على تحريمه، ولم يدع أحد أنه حلال، فقد أجمع العلماء على تحريم ربا النسيئة قليله وكثيره، وقد نقلت النصوص من القرآن والسنة على تحريم يسير الربا، وهو محل إجماع وسيأتي نقل ما تبقى من النصوص في معرض الاستدلال.

وبالتالي لا يصح الاحتجاج بقول المالكية في الأخذ بالثلث فرقاً بين القليل والكثير؛ لأنهم لا يقولون بهذا؛ لأن القليل ما دام قد نص على تحريمه لم يكن هناك مجال للتفريق بين القليل والكثير، بل إن المالكية قد نصوا على أن يسير الربا حرام.

جاء في التاج والإكليل: «بالنسبة للربا لا يجوز منه قليل ولا كثير، لا لتبعية ولا لغير تبعية» (١).

وقال ابن عبد البر: «الربا لا يجوز قليله، ولا كثيره، وليس كالغرر الذي يجوز قليله، ولا يجوز كثيره» (٢).

وإذا لم يقل به المالكية لم يقل به أيضاً أحد من الأئمة الأربعة.


(١) التاج والإكليل (٤/ ٣٦٥).
(٢) التمهيد (١٤/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>