وإنما القبول والقبض لثبوت حكمها، لا لوجودها في نفسها، فإذا أوجب فقد أتى بالعارية، فترتب عليها الأحكام، كما قالوا ذلك في الهبة (١).
فالحنفية يقسمون التصرفات إلى قسمين: عقود، والركن فيها هو الصيغة فقط (الإيجاب والقبول).
وتصرف منفرد كالهبة والعارية يتم بالإيجاب وحده، فصار الركن في العارية الإيجاب فقط، والقبض فيها جار مجرى الركن، فصار كالقبول.
وأما أطراف العقد فليست من الأركان باتفاق الحنفية، لا في العقود ولا في التصرفات، فلا يعتبرون البائع والمشتري والعين المبيعة في عقد البيع من الأركان، كما لا يعتبرون المعير والمستعير والعين المعارة من أركان العارية.
وذلك أن الحنفية يرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءاً داخلاً في حقيقته، وهذا خاص في الصيغة فقط، وهي الإيجاب والقبول في العقود، أو الإيجاب وحده في التصرفات كالإبراء والعتق، وأما أطراف العقد فهي من لوازم العقد، وليست جزءاً من حقيقته، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
وقد استدل الحنفية على مذهبهم بالآتي:
الدليل الأول:
أن من حلف أن يعير فلانًا، فأعاره ولم يقبل فقد بر في يمينه، لأن الإعارة