العارية فهو فيما يغاب عليه إذا لم يعلم هلاكه، وما روي من أدلة تدل على سقوط الضمان في العارية فهو فيما لا يغاب عليه، وفيما يغاب عليه إذا علم هلاكه.
ويناقش:
بأن مذهب المالكية يصدق عليه أنه من أضعف الأقوال فهم يعتبرون العين المستعارة أمانة، بينما المستعير متهم، عليه إقامة البينة فيما لا يعلم هلاكه، فإن كانت العارية أمانة فهي قد اكتسبت هذه الصفة من يد المستعير، وإذا كان أمينًا قبل قوله فيما يغاب عليه وفي غيره، وإن لم يكن أمينًا لم تكن العارية من الأمانات، وبالتالي فهو مطالب بالضمان مطلقًا حتى ولو علم الهلاك، وتيقنا أنه لم يتعد و لم يفرط، فلماذا نطلب منه البينة على أن الهلاك حصل بغير فعله؛ فإذا أثبت لنا ذلك أسقطنا عنه الضمان بحجة أنه أمين، مع أن الأمين لا يضمن إلا بالتعدي والتفريط، فكان مقتضى كونه أمينًا أن نقبل قوله بلا بينة، هذا وجه التناقض في مذهب المالكية في فهمي المحدود.
القول الرابع:
أنه لا ضمان على المستعير إلا أن يشترط عليه الضمان، حكى هذا القول ابن شعبان من المالكية، وعابه، وهو رواية عن أحمد (١).
وسوف نذكر أدلتهم في مسألة مستقلة لأهمية هذا القول، هل اشتراط الضمان في عقود الأمانات معتبر، ولا محذور فيه، فانظره في المسألة التالية.
(١) المقدمات الممهدات (٢/ ٢٧١)، جاء في الاختيارات تحقيق الدكتور أحمد الخليل (ص: ٢٣١): «وهي مضمونة إن اشترط ضمانها، وهي رواية عن أحمد».