وقد ذكرنا أدلة هذه المسألة في عقد الوديعة عند الكلام على اشتراط الضمان على المستودع، وانتهيت إلى أن الأمانات قسمان:
ما كان من عقود المعاوضات كضمان رأس مال المضاربة، وضمان العين المستأجرة، فهذه المسائل سبق تحرير الخلاف فيها، ولا أرى صحة اشتراط الضمان فيها بحال، وذلك أن التزام الضمان فيها يجعل الضمان جزءاً من المعاملة: ففي ضمان رأس مال المضاربة يوقع الضمان في الربا، حيث يتحول رأس المال إلى ما يشبه القرض، ويتحول الربح إن وجد إلى فائدة للقرض.
وفي ضمان العين المستأجرة يوقع المستأجر في الغرر، حيث إن الضمان جزء من الإجارة، ولا يعلم مقدار ما سوف يغرم بسبب التلف، وجهالة الأجرة مفسدة للعقد. وراجع بحث المسألتين في عقد المضاربة، وعقد الإجارة فقد استوفيت ذكر الأدلة مما يغني ذلك عن إعادته هنا.
القسم الثاني: ما كانت الأمانات من عقود التبرع، كالوديعة والعارية فهذا يصح اشتراط الضمان على الأمين؛ حيث لا يوقع اشتراطه لا في ربا، ولا في غرر، وعلى فرض أنه أوقع في غرر، فإن الغرر في عقود التبرع مغتفر، وقد تبرع به المستعير فلا حرج في اشتراطه.
ولم يثبت دليل من الكتاب أو من السنة على تحريم اشتراط الضمان في رد العارية، وإذا لم يثبت فإن التزام مثل هذا الشرط لا يكون حرامًا؛ لأن الأصل في الشروط الصحة والجواز.