فهنا نص على أنهم حكموا عادة الناس بالانتفاع والتمول، ولم ينظروا إلى طهارة العين.
وقال القدوري:«قال أصحابنا: يجوز بيع السرجين.
وقال الشافعي: لا يجوز ذلك.
لنا أن الناس يتبايعونه للزرع، وفي سائر الأزمان من غير نكير ...... ولأن الناس استخفوا نجاسته بدلالة أنهم لا يتجنبونه في الطرق كتجنب النجاسات، ويطينون به السطوح، ومتى خفت نجاسته جاز بيعه، كالثوب النجس ..... وإنما معنى قولنا: نجس العين ما تغلظت نجاسته، ولا نسلم أن السرجين مغلظ النجاسة، فالوصف غير مسلم .... ولهذا قال أصحابنا: لا يجوز استعمال العذرة والدم في الأراضي حتى يغلب التراب عليها، ويجوز استعمال السرجين من غير أن يخالطه شيء» (١).
الثالث: ما كانت نجاسته عن مجاورة كالدهن والثوب النجس، فهذا يجوز بيعه.
جاء في المبسوط: «مسألة الدهن إذا اختلط به ودك الميتة، أو شحم الخنزير وهي تنقسم ثلاثة أقسام: فإن كان الغالب ودك الميتة لم يجز الانتفاع بشيء منه، لا بأكل ولا بغيره من وجوه الانتفاع؛ لأن الحكم للغالب، وباعتبار الغالب هذا محرم العين غير منتفع به، فكان الكل ودك الميتة ...
وكذلك إن كانا متساويين؛ لأن عند المساواة يغلب الحرام، فكان هذا كالأول.
فأما إذا كان الغالب هو الزيت، فليس له أن يتناول شيئًا منه في حال الاختيار؛ لأن ودك الميتة وإن كان مغلوبًا مستهلكًا حكمًا، فهو موجود في هذا