وقيل: يجوز بيعها في حال الاضطرار، ولا يجوز مع عدمه، وهو اختيار أشهب من المالكية (١).
هذا ملخص أقوال أهل العلم في بيع العذرة.
ومدار المسألة وأدلتها على مسألة تقدم بحثها، وذكرنا أدلتها بالتفصيل، وهي: هل يشترط أن يكون المعقود عليه من مبيع، أو ثمن طاهرًا، أو لا يشترط؟
فمن اشترط الطهارة، وهم الجمهور قالوا: لا يجوز بيع العذرة؛ لأنها نجسة بالإجماع، وطردوا المنع في بيع في كل عين نجسة، كالميتة، والدم. وسبق ذكر جميع أدلتهم على اشتراط الطهارة في المعقود عليه، فأغنى عن إعادته هنا.
ومن لا يرى الطهارة بالاستحالة يرى أن تسميد الحرث والزرع بها يكون سببًا في نجاسة الثمار، والحبوب إذا سقيت بالنجاسة.
وسبق لي في كتاب المياه والنجاسات من أحكام الطهارة ذكر خلاف أهل العلم في الطهارة بالاستحالة، وأن الراجح أن العين النجسة إذا استحالت إلى عين طاهرة أخذت حكمها، كما أن العين الطاهرة إذا استحالت إلى نجاسة أصبحت نجسة.
ومن قال: لا يشترط في المعقود عليه طهارة عينه، أجاز بيعها إن كان قد جرى تمولها بين المسلمين وأمكن الانتفاع بها.
ومنهم من كره بيعها؛ لأنها من الكسب الرديء كما كره التكسب في الحجامة، ولأنه يلزم منها مخالطة النجاسات، وهو مكروه عندهم.