للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إسناده صحيح] (١).

وجه الاستدلال من الحديث كالاستدلال من الحديث السابق.


(١) ورواه النسائي في الكبرى (٨٩٥٠) والبيهقي في السنن (١٠/ ٢١٩) من طريق محمد ابن إبراهيم به. وصححه الغزالي في إحياء علوم الدين (٢/ ٢٧٨).

وقد نقلت فيما تقدم من كتاب الورع رواية المروزي (ص: ١٥٤): «قيل لأبي عبدالله: ... أفليس عائشة تقول: كنت ألعب بالبنات؟ قال: نعم، هذا محمد بن إبراهيم يرفعه، وأما هشام فلا أراه يذكر فيه كلامًا. في حديث محمد بن إبراهيم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسرحهن إلي».
وجاء في الآداب الشرعية لابن مفلح (٣/ ٥٠٩ - ٥١٠): «قال - يعني أحمد - في رواية بكر ابن محمد، وقد سئل عن حديث عائشة: كنت ألعب بالبنات قال لا بأس بلعب اللعب إذا لم يكن فيه صورة، فإذا كان فيه صورة فلا وظاهر هذا أنه منع من اللعب بها إذا كانت صورة. وقد روى أحمد بإسناده عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على عائشة وهي تلعب بالبنات ومعها جوار فقال ما هذه يا عائشة؟ فقالت هذا خيل سليمان فجعل يضحك من قولها - صلى الله عليه وسلم -.
قال أحمد: وهو غريب لم أسمعه من غيرهم عن يحيى بن سعيد انتهى كلام القاضي».
وقد رواه ابن حبان في صحيحه (٥٨٦٤) من طريق أبي النضر، عن عروة، عن عائشة بنحوه، وليس فيه ذكر (بنات لعائشة) وإنما فيه وأنا ألعب باللعب، فقال: ما هذا يا عائشة، فقالت: لعب. ولم تقل: بناتي. فإن كان استنكار الإمام أحمد أن يكون فيه ذكر للصور، وإنما فيه ذكر للعب، ولا يلزم من اللعب أن يكون فيها صورة، فإن الحديث من طريق هشام صريح بذكر بنات عائشة، كما أن الفرس الذي له أجنحة هو صورة أيضًا. وإلا فإن كلام الإمام أحمد يحتاج مني إلى تأمل أكثر لفهمه، ومعرفة المراد منه، فإن كلام الأئمة في العلل يحتاج قبل الاعتراض عليه إلى فهمه فهمًا صحيحًا وإلا فقد يقع الباحث إذا تسرع في سوء فهمه، وإذا لم يفهمه الإنسان فلا مانع أن يطلب فهمه من إخوانه من أهل الطلب، والله المستعان، وأنصح إخواني وأبنائي الطلاب ألا يتجرأ أحد على الاستدراك على كلام الأئمة في العلل خاصة، وحصريًا من تقدم منهم، فإنك لا تجد أحدًا أكثر من الاستدراك عليهم إلا رأيته قد أتي من سوء فهمه، وكما قال الشاعر: وكم من عائب قولًا صحيحًا وآفته من الفهم السقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>