للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المفاسد التي ساقها ابن تيمية في عقد الغرر من كونه مظنة العداوة والبغضاء، وأكل أموال الناس بالباطل إنما توجد في الغرر الكثير، وليس في الغرر اليسير أو التابع، ومع ذلك رأى ابن تيمية أن المصلحة الراجحة إذا عارضت تلك المفاسد فإنها مقدمة عليها.

ويقول ابن تيمية أيضًا: «والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع لأجل نوع من الغرر، بل يبيح ما يحتاج إليه من ذلك» (١).

ويقول ابن تيمية أيضًا: «المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم» (٢).

وهذا يدل على أن المعاملة المالية قد يتنازعها موجبان: أحدهما يدعو إلى التحريم، وهو وجود الغرر، والآخر يدعو إلى الإباحة، وهو قيام الحاجة العامة الملحة، وتكون للأقوى منهما.

ويقول الشيخ الصديق الضرير في كتابه القيم الغرر وأثره في العقود:

«يشترط لتأثير الغرر في العقد ألا يكون الناس في حاجة إلى ذلك العقد، فإن كانت هناك حاجة إلى العقد لم يؤثر الغرر مهما كانت صفة الغرر، وصفة العقد؛ لأن العقود كلها شرعت لحاجة الناس إليها، ومن مبادئ الشريعة العامة المجمع عليها، رفع الحرج {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨]، ومما لا شك فيه أن منع الناس من العقود التي هم في حاجة إليها، يجعلهم في حرج، ولهذا كان من عدل الشارع، ورحمته بالناس، أن أباح لهم العقود التي يحتاجون إليها، ولو كان فيها غرر» (٣).


(١) المرجع السابق (٢٩/ ٢٢٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٤٩).
(٣) الغرر وأثره في العقود (ص: ٦٠٠) الطبعة الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>