وأغلاه، فيتنازعان، ويؤدي ذلك إلى عدم التنفيذ، أما الجهالة في مثل هذه المسألة فلا تؤدي إلى نزاع؛ لأن البيع والشراء يجري في جزء معين، وهو معلوم للبائع والمشتري.
ولأن الناس محتاجون إلى هذه البيوع، والقول بعدم جوازها يؤدي إلى ضرر كبير، والشارع لا يحرم ما يحتاج إليه الناس لأجل نوع يسير من الغرر، ولذا أباح بيع الثمار بعد بدء صلاحها مبقاة إلى الجذاذ، وإن كان بعض المبيع لم يخلق بعد، وأجاز بعض العلماء بيع المغيبات في الأرض كالجزر وما أشبهه، وبيع ما يكون قشره صونًا له كالعنب والرمان والموز في قشره قولًا واحدًا، فإذا رئي من المبيع ما يدل على ما لم ير جاز البيع باتفاق، فكذلك الشركات يستدل على نجاحها وفشلها بما ظهر منها واشتهرت به، وبيع الغرر نهي عنه؛ لأنه يفضي إلى أكل المال بالباطل، فإذا عارض ذلك ضرر أعظم من ذلك أبيح دفعًا لأعظم الفسادين باحتمال أدناهما، وهذه قاعدة مستقرة في الشريعة الإسلامية» (١).
وسوف أتناول بشيء من التفصيل الخلاف الفقهي في جواز إنشاء شركات المساهمة، والخلاف في حكم تداولها في بحوث مستقلة إن شاء الله تعالى في الكلام على سوق المال، وأسوق حجج المانعين وأدلة المجيزين بشيء من التوسع، وإنما اقتضى التذكير هنا لهذه المسألة لعلاقة بيع الأسهم هنا في بيع ما لم يره العاقد، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه، وأعاننا على فهمه ومعرفة الحق فيه.
* * *
(١) الربا والمعاملات المصرفية (ص: ٣٧٢). وانظر أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة للدكتور: مبارك بن سليمان آل سليمان (١/ ١٩٦).