للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلعة قد تبين وهو يردها، أنها لم ينقصها شيء، ومع ذلك فقد استحق هذا الخراج بمجرد هذا الضمان، فدل على أن التزام الضمان له قيمة مالية مقصودة، وأنه يسوغ بذل العوض في مقابل تحصيلها.

ومثله ما أفتى فيه بعض العلماء المعاصرين من جواز ما يسمى بتغطية الإصدار: وهو ضمان المصرف، أو بنك الاستثمار تغطية الأسهم للشركة المساهمة، مقابل عمولة على ذلك.

كما صحح المالكية بذل المال مقابل إحضار كفيل بالدين.

قال الدردير: «وإن كان الجعل من رب الدين، أو من أجنبي للمدين على أن يأتيه بحميل، فإنه جائز» (١).

وقال الخرشي مثله (٢).

فهذا يدل على أن مجرد التزام الكفيل بالدين له قيمة مالية في ذاته، وإلا لما جاز أن يبذل رب الدين، أو الأجنبي الجعل للمدين، في مقابل تقديم كفيل بدينه، صحيح أن آخذ الجعل في هذه الصورة هو المدين، وليس الكفيل، ولكنه يشهد بكون الالتزام في عقد الكفالة، مما يصح بذل المال في مقابلته، والجعل من أجله (٣).

وإذا كان الحال كذلك، فكيف يقال: إن شركة التأمين قد أخذت المال بلا مقابل، مع قيامها بهذا الضمان الواجب عليها، وهو ليس ضمانًا مجردًا كما هو


(١) الشرح الكبير (٣/ ٣٤١)، وانظر مواهب الجليل (٥/ ١١٣)، الذخيرة للقرافي (٩/ ٢١٤).
(٢) الخرشي (٦/ ٣٠).
(٣) وقفت على بعض هذه النصوص بفضل كتاب الشيخ نزيه حماد في كتابه قضايا فقهية معاصرة (ص: ٢٩١ - ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>