للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالكفالة، وهو التزام ما ليس بواجب عليه التزامه أصلًا، ومع ذلك إذا التزمه صح التزامه، ومنه التأمين.

ثانيًا: لم يرد دليل على أن أسباب الضمان محصورة في الإتلاف والتغرير، ووضع اليد غير المؤتمنة، والكفالة، بل إن الفقهاء ضمنوا وضع اليد، ولو كانت مؤتمنة كتضمين الصناع.

يقول الشيخ علي الخفيف: «لم يظفر هذا الموضوع - يعني الضمان - في الفقه ببحث خاص مستقل يتناول جميع عناصره، وأسبابه، وشروطه، وأنواعه، وموضوعاته، وأحكامه، وإنما جاء ذكره عرضًا كأصل بنيت عليه حلول كثير من المسائل عند بحثها، وتعرف الحكم فيها» (١).

فالضمان: تارة يكون سببه إلزام الشارع، كما في ضمان الديات، والأروش، وضمان قيمة صيد الحرم عند الاعتداء عليه، وضمان ما يجب من كفارات الأيمان، والظهار، والإفطار عمدًا في رمضان.

وتارة يكون سببه التزام العاقد نفسه، بحيث ألزم نفسه بالضمان بعقد رضائي، كالكفالة، وعقد التأمين، ولا يوجد دليل شرعي يوجب بطلان ما التزم به الإنسان من قبل نفسه، ولا يترتب على هذا الالتزام أي مفسدة شرعية حتى يقال بالبطلان، وإذا كان الإنسان له أن يلزم نفسه بالضمان بدون مقابل، كما في الكفالة، فكونه يجب مع بذل العوض من باب أولى، وقد سقت في الدليل السابق أنواعًا من الالتزامات التي صحح المالكية أخذ الجعل عليها، ولم يأت النص الشرعي بجواز أخذ المال مقابل هذه الالتزامات، وإنما قال المالكية بجوازها جريًا على قاعدة: الأصل في مثل ذلك الحل، حتى يأتي نص من


(١) الضمان في الفقه الإسلامي (ص: ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>