لهم، وأما الباقي وهو ما يعادل ٩٠% من الفائض الصافي فيكون ممن نصيب المساهمين نتيجة تعريض حقوقهم لمخاطر التأمين، وهذا يعني أن نظام التأمين التعاوني قائم على الالتزام التعاقدي، فالأرباح يستحقها المساهمون عوضًا عن التزامهم بالتعويض، وهذا هو حقيقة التأمين التجاري، وما إعادة جزء من الفائض إلا محاولة لإضفاء الصبغة الشرعية على العقد، والواجب في التأمين التعاوني أن يرحل جميع الفائض في حساب احتياطات عمليات التأمين.
ثانيًا: القول بأن شركات التأمين تأخذ أموال المستأمنين، وتتصرف فيها كيفما تشاء لحسابها، هو من إلقاء القول جزافًا، فإن التزام الشركة بدفع التعويضات يحملها مسؤولية كبيرة، ويكف يدها عن التصرف في هذه الأموال كيفما تشاء، وإلا فكيف تؤمن التعويضات الباهظة التي تدفعها لمن يتعرض للخطر منهم.
ولذلك رأى الشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله أن شركات التأمين هي شركات تعاونية (١): فهو يرى أن التأمين التجاري: يؤدي إلى تفتيت المصيبة وتوزيعها على أكبر عدد من الرؤوس، وهم عدد المستأمنين الآخرين الذين دفعوا أقساط التأمين، فترميم الحوادث، أو التعويض عنها، إنما يدفع من هذه الأقساط
(١) لعل الشيخ يقصد بالتعاونية أن من لازم عملها ذلك، كما يحصل ذلك في جميع الأعمال المهنية، ومن جميع العاملين فيها، فرغيف الخبز مثلًا لا يصل إلى يد آكله حتى يمر بمجموعة من مراحل إعداده - زراعة، وحصادًا، وتنقية، وطحنًا، وعجنًا، وخبزًا - دون أن يكون لعمال كل مرحلة قصد في التعاون مع الآخرين على إعداد هذا الرغيف، وكذلك العقد في التأمين ليس عقدًا تعاونيًا لا في التأمين التجاري، ولا في التأمين المسمى بالتعاوني، فالربح هو الباعث على تكوين تلك الشركات، والمعاوضة في هذه العقود لا يمكن أن تنكر. وانظر التأمين بين الحلال والحرام (ص: ١٤).