(٢) بادي الرأي لا أرى لزامًا على الموظف أن يقدم استقالته قبل بلوغ عشرين سنة، لأسباب، منها: أولًا: أن عقد التأمين من عقود الإذعان، والتي يجبر فيها الموظف على هذا التعاقد، وما أجبر عليه يكون في حكم المكره، بحيث لا يتحمل الموظف وحده تصرفًا قد أجبر عليه مما لا دخل له فيه.
ثانيًا: أن العمل للكبير خاصة من الحاجة النفسية، بحيث إذا أخرج من عمله، ربما جلس بدون عمل، وهذا يترك أضررًا نفسية، ومالية على الرجل، خاصة أن الرجل كلما يتقدم بالسن تكثر التزاماته نحو أسرته، والتي تكون قد كثرت في مثل سنه، بخلاف حاله حين كان شابًا، فالأسرة والالتزامات محدودة، وقد لا يقبل القطاع الخاص الرجل الكبير أن يعمل عنده؛ لأن قوته وحماسه يختلف عن الشاب. ثالثًا: أن الدولة التي يعمل فيها الموظف قد لا تعطيه استحقاقاته كلها دفعة واحدة ليعمل فيها، فتقوم بتقسيطها عليه الأمر الذي يجعله غير قادر على استثمارها، وربما أنفقها على نفسه وأولاده، وبالتالي جلس بدون عمل. رابعًا: أن مسؤولية الدولة المسلمة رعاية مواطنيها العاطلين عن العمل، فضلًا عن الرجل الكبير الذي قد خدم ما يقرب من تسعة عشر عامًا في الوظيفة، فيجب عليها أن ترعاه، وتؤمن له دخلًا يكفيه، ويكفي أسرته، وتؤمن له حياة كريمة، وإذا لم تقم الدولة بمسؤوليتها لم يجبر على ترك عمله، وذلك بسبب عقد قد أجبر عليه يتضمن محذورًا شرعيًا، والله أعلم.