وروى القاسم بن سلام في كتابه الأموال، قال: حدثني يحيى بن بكير، قال: سمعت الليث بن سعد يقول: كتب عمر بن عبد العزيز أن اقضوا عن الغارمين. فكتب إليه: إنا نجد الرجل له المسكن والخادم والفرس والآثاث، فكتب عمر: أنه لا بد للمرء المسلم من مسكن يسكنه، وخادم يكفيه مهنته، وفرس يجاهد عليه عدوه، ومن أن يكون له الأثاث في بيته، نعم فاقضوا عنه، فإنه غارم (١).
والرسول - صلى الله عليه وسلم - كما روى مسلم أباح لمن أصابته جائحة، فاجتاحت ماله، أن يسأل ولي الأمر حقه من الزكاة.
يقول الشيخ القرضاوي: «والزكاة بهذا تقوم بنوع فريد من التأمين الاجتماعي ضد الكوارث، ومفاجآت الحياة، وسبق كل ما عرفه العالم بعد من أنواع التأمين، وفضلًا عن السبق الزمني لهذا التأمين الذي حققه الإسلام لأبنائه بنظام الزكاة، نراه أسمى وأكمل وأشمل من التأمين الذي عرفه الغرب في العصر الحديث بمراحل ومراحل، فالتأمين على الطريقة الغربية لا يعوض إلا من اشترك بالفعل في دفع أقساط محددة لشركة التأمين، وعند إعطاء التعويض يعطى الشخص المنكوب على أساس المبلغ الذي أمن به، لا على أساس خسائره وحاجته، فمن كان قد أمن بمبلغ أكبر أعطي تعويضًا أكبر، ومن كان مبلغه أقل كان نصيبه أقل، مهما عظمت مصيبته، وكثرت حاجته، وذوو الدخل المحدود يؤمنون عادة بمبالغ أقل، فيكون حظهم إذا أصابتهم الكوارث أدنى، وذلك أن أساس التأمين الغربي التجارة، والكسب من وراء الأشخاص المؤمن لهم، أما