للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية: أظهر الأقوال: أن الحديث لم يرد به النهي عن السلم المؤجل ولا الحال مطلقًا، وإنما أريد به النهي عن بيع ما في الذمة مما ليس مملوكًا له، ولا يقدر على تسليمه، ويربح فيه قبل أن يملكه، ويقدر على تسليمه، فقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث حكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» العندية هنا ليست عندية الحس والمشاهدة، وإنما هي عندية الحكم والتمكين، ولهذا جاز بيع المعدوم الموصوف في الذمة إذا كان وقت التسليم قادرًا على تسليمه كبيع السلم، فمعنى حديث حكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، أن يبيعه شيئًا موصوفًا حالًا، وهو لم يملكه، ويربح فيه قبل أن يدخل ضمانه، وقبل أن يكون قادرًا على تسليمه، أما إذا باعه موصوفًا في الذمة حالًا، وهو عند بائعه قادرًا على تسليمه، فلا حرج إن شاء الله تعالى.

وإذا لم يكن جائزًا بيع ما في الذمة مما ليس هو مملوكًا للبائع، ولا يقدر على تسليمه، فبيع المعين الذي لم يملكه أولى بالمنع (١).

فتلخص لي أن ابن تيمية يرى أن بيع ما ليس عند الإنسان، إن كان معينًا ليس مملوكًا له، فهو ممنوع، وإن كان موصوفًا في الذمة اشترط أن يكون عنده في ملكه.

فتلخص من هذا: أن الأقوال متفقة على منع بيع المعين الذي لا يملكه الإنسان، فيبيعه، ثم يذهب يشتريه.

وأما بيع الموصوف في الذمة مما ليس عند البائع، فإن كان مؤجلًا جاز بالإجماع، وهو السلم المؤجل.

وإن كان حالًا، فقد اختلفت الأقوال:


(١) انظر تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء (٢/ ٦٩١ - ٦٩٢) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>