للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذه الكتب بحقوق مالية، ولو كانت مالًا لوجد من يطالب بها، فدل على أنها ليست مالًا، ولم يعرف هذا الحق في الشرع، وإنما مصدر هذا الحق هو القانون، وهناك فارق كبير بين أن يقر بهذا الحق الشرع، وبين أن يقر به القانون الوضعي، والذي نشأ في بيئة النظام الرأسمالي، والذي لا يدخل في حسابه أن أحدًا يبذل جهده في التأليف لا يبتغي إلا وجه الله والدار الآخرة.

ويجاب عن ذلك:

لا نسلم أن مصدر هذا الحق هو القانون، وأن الشرع لم يتعرض له، فهناك نصوص شرعية كثيرة تدل على أن أخذ الأجر على التأليف سائغ شرعًا، كالإذن بأخذ الأجر على الرقية، وجعل التعليم مهرًا في النكاح، وأخذ الأجر على التحديث، وقد أوردناها في أدلة القائلين بالجواز فانظرها هناك، وعلى التسليم بأن مصدر هذا الحق هو القانون، فإن هذا لا يعني أن هذا الحق لا تقره قواعد الشرع.

وأما كون هذا الحق لم يقم في المجتمع الإسلامي رغم نشاط حركة التأليف في القديم فله أسباب كثيرة جدًا، ذكرها بعض المحققين في هذا الشأن، منها:

السبب الأول:

قد بينا في فصل سابق أن التمول مرده إلى العادة والعرف، فإذا اعتاد الناس تمول شيء صار مالًا، وإذا ترك الناس تمول بعض الأعيان فقدت ماليتها.

قال ابن عابدين: «والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم» (١).

وقال في المبسوط «وإنما تنبني المالية على التمول» (٢).


(١) حاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠١).
(٢) المبسوط (٥/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>