بينما يشترط في المضاربة الصحيحة ألا يحدد الربح سلفًا، وأن يكون الربح شائعًا بين المضارب ورب المال، فلا يجوز أن يشترط أحدهما جزءًا معلومًا من الربح، وهذا الشرط نص عليه جميع الفقهاء من المذاهب الأربعة المعتمدة.
فإذا لم يكن المال الذي أخذه البنك التجاري مضاربة، فإنه سيكون قرضًا، والقرض لا يجوز أخذ الجوائز عليه؛ لأنها من قبيل الربا.
وأما أصحاب حسابات التوفير في البنوك الإسلامية فهم في الحقيقة دفعوا أموالهم لتستثمر لهم، والعقد بينهم وبين البنك عقد مضاربة، فالبنك: هو المضارِب، ومنه العمل، وهو الاتجار بالمال طلبًا للربح.
ورب المال: هو صاحب حساب التوفير، حيث يدفع ماله للبنك ليتجر فيه، ويتحملا الغرم معًا، والربح لهما على ما شرطاه، ففي حال الخسارة يخسر البنك جهده وعمله، ويخسر رب المال ماله، وفي حال الربح فإنه يشترط أن يكون جزءًا شائعًا كالنصف أو الثلث، فإن شرطا مقدارًا معينًا من المال فسدت المضاربة، هذا هو الفارق الجوهري بين عمل البنوك الربوية وبين عمل المصارف الإسلامية.
فإذا أعطى المصرف الإسلامي أصحاب حسابات التوفير جوائز على ذلك فإن ذلك يعد من قبيل الهبة، لأن البنك في هذه الحالة ليس مقترضًا، وإنما هو مضارب لصاحب المال، والباعث على دفع البنك جوائز لشركائه هو تشجيع أصحاب المال لاستقطاب أكثر عدد ممكن من العملاء (الشركاء) بطريقة لا تفضي إلى محظور شرعًا، وإذا كان التقديم مسبوقًا بالإعلان فيكون ذلك وعدًا بالهبة، سواء أكان الوعد لجميع العملاء أم كان ذلك لبعضهم طبقًا لمواصفات معينة، والجهالة هنا مغتفرة كما هو مقرر في عقود التبرعات، ولا يشبه هذا القمار؛ لأن العميل لم يدفع شيئًا حتى يتردد بين أن يكون غانمًا أو غارمًا ..