قلت: عبد الملك بن معاذ ليس أحسن حالًا من عثمان بن محمد، فقد قال الذهبي في ميزان الاعتدال (٥٢٥٣): «لا أعرفه، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، وله عن الدراوردي، عن عمرو ابن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد مرفوعًا: لا ضرر، ولا ضرار». كما فهم ابن رجب في جامع العلوم والحكم أن الخطأ فيه من الدراوردي، ولذلك قال بعد أن نقل كلام ابن عبد البر المتقدم (١/ ٣٠٢): «والدراوردي كان الإمام أحمد يضعف ما حدث به من حفظه، ولا يعبأ به، ولا شك في تقديم قول مالك على قوله، وقال خالد بن سعد الأندلسي الحافظ: لم يصح حديث لا ضرر، ولا ضرار مسندًا». وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٠/ ١٥٨): «إن هذا الحديث لا يستند من وجه صحيح». وضعفه ابن حزم في المحلى (٨/ ٢٤١) و (٩/ ٢٨). وقد رواه مالك في الموطأ (٢/ ٧٤٥) ومن طريقه رواه الشافعي كما في الأم (٧/ ٢٣٠) ومسند الشافعي (ص: ٢٢٤)، وسنن البيهقي (٦/ ١٥٧) عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ضرر، ولا ضرار. وهذا مرسل، ورجاله ثقات، وهو المعروف من هذا الطريق. وله شواهد كثيرة، منها: الشاهد الأول: حديث عكرمة، عن ابن عباس. وله ثلاثة طرق إلى عكرمة: الأول جابر الجعفي، عن عكرمة. أخرجه أحمد (١/ ٣١٣)، وابن ماجه (٢٣٤١)، والطبراني في المعجم الأوسط (٣٧٧٧)، والبيهقي (٦/ ٦٩) من طيق عبد الرزاق، عن معمر، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس. إلا أن ابن ماجه اقتصر على لفظ (لا ضرر، ولا إضرار). واقتصر البيهقي على لفظ: «لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه في حائط جاره، وإذا اختلفتم في الطريق الميتاء، فاجعلوها سبعة أذرع». ورواه أحمد والطبراني بتمامه بمجموع اللفظين. وجابر بن يزيد الجعفي ضعيف إلا أنه قد توبع كما سيأتي في الطريق التالية. =