ولأن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر؛ ليرخص عليهم السعر، ويزول عنهم الضرر، والمنتفع بذلك عموم الناس، ولا يلحق البادي مضرة، فقدمت مصلحة الجماعة مقابل مصلحة فرد، وهو البادي، وليس ذلك في الشراء للبادي، إذ لا يتضرر الحاضرة بعدم غبنهم للبادي في شرائه، بل يتضرر البادي إذا غبن، والمنتفع هو البائع فقط، والشرع ينظر في دفع الضرر عن البادي كما يدفع الضرر عن الحاضر، إذ الخلق في نظر الشرع كلهم سواء، ولذلك نهي عن تلقي الجلب لما كان في التلقي إنما ينتفع المتلقي خاصة، وهو واحد في قبالة واحد، فلم يكن في إباحة التلقي مصلحة عامة فلذلك نهي عنه (١).
وهذا هو الصواب، والله أعلم.
(١) المغني (٤/ ١٥١)، شرح النووي على صحيح مسلم (١٠/ ١٦٣).